الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

ابناء قرية الكمايشه في حراج بن قاسم




عادل بسيوني يركب خزانة ملابس في حراج بن قاسم بالرياض 

الحراج هو السوق الشعبي، ويعرفه أهل اللغة العربية بأنه البيع ‏بالمُزايدة في ثمَن السِّلعة بحيث تكون من نصيب من قَدّم أعلى ثمن، ولعل من أشهر الأسواق الشعبية في الرياض وربما في المملكة بأسرها هو حراج بن قاسم، حيث كان مدار حواري مع الأسطى النجَّار عادل بسيوني نصر.

تسمية الحراج بهذا الاسم ترجع إلى 60 سنة مضت، حيث كان هناك شخص يعرف باسم ابن قاسم، ويعمل في ذلك الحين دلالاً على بيت المال، وتقدم بطلب آنذاك للملك المؤسس عبد العزيز آل سعود لتحريج تركة الأموات، وبالفعل بدأ في ساحة الصفا بجوار قصر الحكم، ثم انتقل إلى شارع الريس، وبعده إلى منفوحة بجوار سوق المواشي، وبعده إلى حي المنصورية.

الأسطى عادل من قرية الكمايشة مركز تلا بمحافظة المنوفية في جمهورية مصر العربية، يبلغ الأسطى عادل من العمر 47 عاماً قضى منها 23 سنة في الرياض، وتحديداً في حراج بن قاسم، وشهده عندما كان قبل زمن عند سوق المواشي، وشهد انتقاله لموقعه الحالي، وبينما يقوم الأسطى عادل بسيوني نصر بتركيب خزانة الملابس، مضى الحوار بيننا.

لم يرزقه الله بالولد، وإن أخبرني أن حُسن العشرة مع زوجته يجعله لا يفكر كثيراً في هذا الأمر، لأنها كما يقول "نصيب"، كما أنه يشعر بالرضا معها، وهي كذلك فكيف يفكر بالزواج من أخرى، يروي لي عادل كيف أتى إلى المملكة بُعيد حصوله على دبلوم المدارس الفنية الصناعية – قسم تركيبات ميكانيكية – وكذلك كان مساعده وابن أخيه عماد حمدي نصر الشاب المكافح الذي شق طريقه بنفسه، ويعاون عمه وأبيه في عمل النجارة في الحراج، أعود إلى عادل وعلاقته التي يصفها بالرائعة مع كفيله، الذي أمضى معه حتى الآن ثلاثة وعشرين عاماً بكل الود والإخلاص كما يقول عادل بسيوني.

سألته عن أغلب العمالة التي يضمها الحراج، قال إنهم من بنجلاديش، فالتجارة في حراج بن قاسم اقتصرت ‏في بدايتها على السلع المستعملة فقط، ثم اتسع حجمها ‏وتنوعت سلعها، وأصبحت تضم بين جنباتها ما هو مستعمل وجديد، كما انتشرت ‏فيها المحال الحديثة إلى جانب البسطات، وعلى مساحات شاسعة في الحراج تنتشر بسطات الملابس المستخدمة، ‏والبسطات هي أقل الأنماط التجارية تكلفة لكونها لا تخضع لترخيص وتطرح ‏سلعها على قارعة الطريق. وتُعدُّ العمالة الآسيوية التي تعمل بأجور ضعيفة ‏هي المستهلك الرئيس لهذه الثياب، وكذلك هي أيضا التي تبيعها، لكن عادل أردف قائلاً "أما إذا تعلق الأمر بالأمور الفنية كتركيب غرف النوم - صينية الصنع بالأخص – فإن العمالة المصرية هي السائدة والماهرة في هذا المجال، فالمصري "شاطر" كما يقول عادل في صنعته وفي معاملته مع الآخرين، .. وهنا قال الكلمة التي يرددها الكثيرون ومن جنسيات مختلفة في حواراتي معهم .. كل بلد فيها وفيها يا باشمهندس .. لست أدري من أين أتت باشمهندس وأنا أُجري معه حواراً صحفياً !!.

النوستالجيا ومشاعر الحنين إلى الماضي عادت إلى عادل خلال حوارنا الشيق، فتحدث عن أن الوضع في السابق كان أفضل من الآن من حيث المعاملة والرزق والبركة فيه، لكنه أحب معيشته في الرياض حيث يسكن في حي منفوحة الذي يسكنه حوالي أكثر من نصف المصريين في الرياض .. بينما يتركز الباقون في شارع الخزان الذي أسكن أنا فيه، لكنه ما لبث أن عاد ليحكي لي عن الحراج الشهير حيث تُباع السلعة المستخدمة فيه بنصف أو ربما بثلث الثمن الأصلي للسلعة وهي جديدة.

وأكثر زوار السوق هم الوافدون من مختلف الدول العربية والإسلامية، إلى جانب المقبلين على الزواج من المواطنين. والسوق يفتقد إلى وسائل السلامة، وأجهزة منع الحرائق، خصوصاً أن السوق شهد خلال الفترة الماضية العديد من الحرائق التي أكلت الأخضر واليابس وجاءت على أرزاق العديد من البسطات، كما يتطلب الأمر تشديد الحراسة على السوق في الليل لمنع العابثين والمتلاعبين من الدخول والتسبب في المشاكل. ولعدة سنوات يترقب الأسطى عادل بسيوني نصر ويترقب غيره من الباعة والمستثمرين في سوق حراج ابن قاسم بفارغ الصبر نقل السوق والمباسط والمحلات إلى مقره الجديد الذي تبرع به الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض وهي أرض تبلغ مساحتها 484.000 متر مربع بطريق الحائر، ولعل هذه المعلومة هي التي جعلتني أنتقل لأبحث عن هذه الأرض، فانطلقت على طريق الحائر بسيارتي الصغيرة لأستبين الموقع فلم أجده، ولكنني وجدت مرمى للنفايات وعششاً وأكواخاً لبعض الناس، وخبزاً منثوراً على الأرض ليجف، فعدت لمن أخبرني لأسأله من جديد، فأجاب بأنه هو ذلك الموقع الذي يُنتظر أن ينتقل إليه الحراج، وأن يتم تأسيسه على أسس السلامة ومنع الحرائق، وتحديد المداخل والمخارج وغيرها، وهنا تمنيت أن أجري حواراً آخر عما قريب مع أحد العاملين في حراج بن قاسم، ولكن في موقعه الجديد بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق